مقالات اجتماعية

العقل والكمبيوتر!

كلما ضاعت المعلومات من رأسي، ونسيت الأسماء والأشياء، تذكرت قدرة الخالق عز وجل، وإعجازه في خلق مخ الإنسان، ذلك العضو المعجز، أو الجهاز المعقد الذي لم يستطع الإنسان اختراع أي جهاز أو آلة تحاكي طريقة عمله، بالرغم من المحاولات الدؤوبة التي يبذلها العلماء والباحثون في إيجاد عضو اصطناعي بديل لبعض أجزاء المخ البشري، معللين ذلك برغبتهم في التغلب على بعض حالات أمراض هذا العضو الحيوي المستعصية، كالزهايمر على سبيل المثال، ولكن هيهات هيهات أن يستطيع حامل هذا العضو المعجز، أن يصل لسر خلقه، وكيف ذلك والمخ هو العضو الذي يحمل هوية الإنسان ودينه، وذاكرته وعاداته وقيمه، ومستودع خبراته.

والحقيقة أن محاولات العلماء لاختراع جهاز بديل للمخ البشري ليست بجديدة، ولكنها موجودة منذ فترات طويلة، بالتحديد منذ النصف الأول من القرن الماضي عندما بدأت فكرة اختراع الحاسبات الآلية، تلك العقول الإلكترونية التي صممت في الأساس ضمن سلسلة محاولات لابتكار عقول آلية تحاكي عقل الإنسان، أو تقوم ببعض وظائفه على الأقل، وقد بدأ استخدام هذه العقول البديلة كمساعدات للعقول البشرية، في حفظ وتنظيم المعلومات وسرعة استدعائها، إلا أنه بمرور الوقت ومع تسارع وتيرة تطوير هذه الحاسبات والبرمجيات، وصل الأمر حتى نافس صنيعة العقل العقل نفسه!! وهو ما نراه في ألعاب الذكاء والتي من أشهرها لعبة الشطرنج على الكمبيوتر، والأدهى من ذلك أن هذا العقل الإلكتروني تفوق في أول مواجهة من نوعها على أشهر أبطال العالم في الشطرنج، السوفيتي كاسباروف.

ومنذ هذه المحاولات بدأ العالم يفكر بجدية في تطوير فكرة إحلال العقل الإلكتروني محل العقل البشري، أو بمعنى آخر إحلال الذكاء الاصطناعي محل الذكاء الطبيعي، واضعا في اعتباره هدف الوصول إلى اللحظة التي يحل فيها الكمبيوتر محل الإنسان، ولكن هل يمكن أن يتحقق هذا الهدف بالفعل؟

في اعتقادي أن هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق أبدا، بالرغم من التطور المذهل الذي تشهده العلوم التكنولوجية، إلا إن سر الخالق سبحانه وتعالى وتجلي قدرته في خلق مخ الإنسان، ومنحه القدرة على التفكير والتعلم، وتطوير أساليب التفكير، والتحليل والاستنتاج باستخدام علوم المنطق، سيظل هو الفيصل دائما في تفوق العقل البشري على أي عقول اصطناعية مهما تطورت، كما سيبقى آية من آيات الله، خص بها الإنسان على سائر خلقه، وأمانة سيحاسبه عليها.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x