مخطىء من يعتقد أن العرب والمسلمين هم فقط من يمارسون السحر والدجل والخزعبلات، وواهم من يعتقد أننا فقط من نعيش الخرافات ونصدقها ونرتب عليها حياتنا ومصالحنا.
ولعل خرافة القرن الواحد والعشرين الأوروبية الكروية، والتي تمثلت في توقعات الأخطبوط الألماني الأعمى “بول” لنتائج مباريات كأس العالم الأخيرة بجنوب إفريقيا، والتي أجرتها إدارة متحف الأحياء المائية “إكواريوم” بمدينة أوبرهارون الألمانية، وهي جهة علمية بالمقام الأول، والعجيب فإن توقعات بول جاءت صحيحة بنسبة 100%، وتفوق على ترشيحات جميع خبراء اللعبة العالميين، ونجوم الكرة المخضرمين، حتى إن العالم الغربي الذي يتندر بممارساتنا للدجل، صدقوا الأخطبوط، واعتقدوا في تنبؤاته، وأفردوا له مساحات إعلامية رئيسية في صحفهم الرسمية، وبثوا تنبؤاته على الهواء مباشرة في فضائياتهم! واستنفروا الشعب الأوروبي على كافة المستويات، وزادت حالة الترقب العالمي لرصد مدى صحة هذه النبوءات، فكشفوا بذلك الخواء الديني والفكري الذي يعيشه ملايين البشر في العالم الغربي، مدعو التحضر والثقافة والرقي، وباقي شعوب العالم.
وتنبؤات الأخطبوط “بول” تأتي بتخييره بين وجبتين في وعاءين زجاجيين على كل منهما علم المنتخبين المتنافسين، وإذا اختار الاتجاه للأكل من أحد الوعاءين يكون بذلك قد تنبأ بفوز ذلك المنتخب!
الشعب الألماني ومن ورائه الشعوب الأوربية وباقي شعوب العالم صدقوا تنبؤات الأخطبوط بول، حتى أن وكالات الأنباء ذكرت أن الألمان توعدوا بول بالذبح بعدما تنبأ بهزيمة منتخبهم أمام أسبانيا قبل المباراة، كما حملوا بول مسؤولية الهزيمة بعد المباراة بسبب حالة الإحباط واليأس التي أصابت اللاعبين بعد نبوءته! أما الأسبان فقد توعدوا من جانبهم كل من تسول له نفسه إيذاء بول، خاصة بعدما تنبأ بفوزهم بكأس العالم!
شعوب العالم كلها تعتقد في الخرافات، حتى الغرب دعاة المادية، يصدقونها ويؤمنون بها، لكن كل شعب لا يرى خرافاته ولا يشعر بها، بينما يرى – بالطبع – خرافات الشعوب الأخرى، بل ويتندر بها!