مقالات اجتماعية

الذئب والحمل!

رغم أن ذلك الموروث العربي الشعبي، والحكايات والروايات، صورت لنا الحماة على صورة ذئب والزوجة هي الحمل الوديع، إلا إنه من المؤكد – على الأقل بالنسبة لي- أن هذه الصورة خاطئة بعض الشيء، فالتأكيد على إظهار الحماة في صورة الذئب المفترس، وإن كان يحمل بين طياته بعض الحقيقة، إلا أن الحقيقة الكاملة غير ذلك، فالواقع يبين لنا أن عددا كبيرا من الزوجات يقمن بدور لا يقل سوءا عن دور حمواتهن في علاقتهن معا، إلا أن هذا الموروث صور لنا هذه العلاقة بالصورة الساخرة المرسومة في أذهاننا بهذه الكيفية نتيجة أسباب وملابسات قد لا نستطيع التوصل لها بسهولة.

وما يؤكد وجهة نظري في هذا الأمر أن الحماة تعامل زوجة ابنها من الموضع الأقوى، بعكس الزوجة التي لا تستطيع الجهر بما تفعله مع حماتها حيث أنها في الوضع الأضعف، وهكذا هي إستراتيجية مواجهة الضعفاء للأقوياء، كما أن الأسلحة المضادة لردع الزوج عن المشكلات الناجمة، متوافر للزوجة تجاه زوجها بشكل فعال، وبطريقة تحسن الزوجة استخدامها بشكل أكثر فاعلية.

فمن منا لم يشاهد مكر تعامل زوجة مع حماتها، ومن منا لم يشاهد كيف تحول بعض الزوجات حياة حمواتهن العجائز إلى جحيم، من منا لم يقرأ عن زوجة دفعت زوجها دفعا لطرد والدته من بيتها، ومن منا لم يسمع عن زوجة ضغطت على زوجها لمنع المساعدة المالية عنها إذا كانت في حاجة إلى ذلك، ومن منا لم يشاهد برنامجا يصور من داخل بيوت المسنين، وتحكي فيه أمهات وصل بهن العمر إلى أرذله، عن معاناتهن مع أولادهن بسبب سوء خلق وقلة أصل زوجاتهم، الأمر الذي دفعهن إلى ترك بيوتهن لهم، فآثرن السلامة، وعشن في بيوت المسنين، وهناك تجد بعض الأمهات كل ما يرجونه من هذه الدنيا، بعد كل هذه الحياة الطويلة، والتضحيات التي لا تقدر بثمن، واللاتي قدمنها بطيب خاطر لأولادهن، هو سؤال أو زيارة من هؤلاء الأبناء، أو مجرد رؤية الأحفاد!! أما إذا أردت أن تفتش عن الأسباب الحقيقية لهذا الجحود والجفاء من هؤلاء الأبناء، ففتش عن الزوجة، ستجد أن عددا غير قليل من أسباب هذا الجحود، بسبب مشكلة أو مشادة كلامية أو حتى سوء فهم، قررت الزوجة على أثره إطلاق رصاصة على هذه الحماة، ولكن باستخدام مسدس كاتم للصوت!

ويبقى السؤال: ألا تعلم هذه الزوجة الخبيثة، أنه لا يوجد أقرب من الأيام، وإنها ستترك مقعد الزوجة لامرأة أخرى، وإنها ستجلس يوما على مقعد الحماة؟! ألا تعلم أن سنة الخالق في خلقه هي “اعمل ما شئت فكما تدين تدان”؟!

ليتنا جميعا نعرف قبل فوات الأوان. 

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x