مقالات اجتماعية

تطبيق النظام!

إذا قلت إن بعض الشخصيات ملتزمة وتتصرف من خلال هذا السلوك داخل مجتمعها، البعض الآخر تحب الفوضى ولا تلتزم بالقوانين والأعراف المعمول بها في المجتمع، فهذه نظرية منطقية من نظريات علم الاجتماع التي تهتم بدراسة خصائص شخصية الفرد.

لكن مع التسليم بأن كل مجتمع، مهما تخلف أو تحضر، لابد أن يتضمن توليفة من الشخصيات المتباينة، تتدرج من الإيجابية إلى السلبية، وما بينهما من درجات رمادية، يبقى السؤال: كيف لمجتمع بإيجابيات أفراده وسلبياتهم أن يتسم بالانضباط، ومجتمع آخر يتسم بالفوضوية؟!، علما بأن عناصر المجتمعين من الأفراد تكاد تكون واحدة!

ما دعاني لطرح هذا السؤال، هو التباين الكبير في سلوكيات المجتمعات تجاه عامل محدد وليكن قضية المرور على سبيل المثال، ففي القاهرة والدوحة حيث أعيش، يتجلى هذا التباين بشكل لافت، حيث تجد المقيم المصري ملتزما بقواعد المرور إلى أقصى درجة في الدوحة، بينما نفس الشخص عندما يقود سيارته في شوارع القاهرة تجده غير ملتزم بأي قواعد مرورية على الإطلاق، وهنا لا أستطيع تفسير ذلك بسبب أنه ليس مواطنا ويخاف من عقوبة عدم تنفيذ القانون، لأن نفس المثال تجده يتكرر داخل البلد الواحد، فسائق السيارة الأجرة الذي يتنقل بين مدن مصر، تجده يلتزم بقواعد المرور في مدن مثل الإسكندرية أو الإسماعيلية أو شرم الشيخ مثلا، بينما نفس السائق يضرب بقوانين المرور عرض الحائط عندما يدخل بنفس سيارته شوارع مدينة القاهرة!!

وعندما كنت أقود سيارتي ذات مرة في أحد شوارع القاهرة، إذ بسائق متهور يقود سيارته بطريقة مستفزة، ولا يراعي أي قواعد مرور أو ذوق في سياقته، حتى أنه كاد يصدم سيارتي من الجانب، وعندما نظرت لأرى هذا السائق الأحمق، ولماذا يفعل ذلك، عجبت أشد العجب عندما وجدت سائق السيارة رجلا يابانيا يبدو من ملامحه وملابسه أنه شخص محترم، ومثار عجبي طبعا يعود إلى تأكدي من أن هذا الياباني لا يجرؤ أن يفعل ذلك في شوارع بلاده.

جوهر الفكرة التي خطرت ببالي، أن الإنسان، أي إنسان، لا يحب أن يعيش ضمن إطار نظام صارم، يعتمد على طريقة أفعل ولا تفعل، الإنسان بطبعه يحب ألا يتقيد بأوامر ونواه، لكن عندما يعيش هذا الإنسان داخل مجتمع منضبط لا يجد مفرا من الالتزام بنظام هذا المجتمع، سواء حفاظا على كرامته من التوبيخ، أو خوفا من العقاب والوقوع تحت طائلة القانون، فإذا طبق القائمون على النظام في المجتمع القوانين تطبيقا صارما، وقتها فقط سيلتزم الجميع بالنظام بصرف النظر عن اختلاف شخصياتهم.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x