برغم الجمعيات النسوية العربية التي انتشرت بكثرة خلال العقدين الماضيين، والتي تحاول بشتى الطرق الحصول على شهادة مساواة المرأة بالرجل كما ذكرت الأسبوع الماضي، إلا أن المتابع للأمر يجد أن المرأة العربية لا تزال مذبذبة بين عاداتها وتقاليدها وقيمها الدينية من جهة، والقيم الغربية، التي يسمونها التحضر من جهة أخرى، تريد أن تصبح امرأة متحضرة، كما تريد أن نصبح رجالا متحضرين، المرأة العربية المسلمة تريد أن تحصل على ما حصلت عليه المرأة الغربية، تريد أن تتساوى بها، في اعتقاد منها أن المرأة الغربية تساوت بالرجل هناك، وبالطبع كل هذا خيالات أقل ما توصف به إنها خرافة.
فالمجتمع الغربي مثل كل المجتمعات، كان ومازال مجتمعا ذكوريا، سيطر فيه الرجل على كل مجريات أمور الحياة، لذلك فهو تفوق وبامتياز في كل شيء أراده، وخاصة على المرأة، شريكه الآخر في المجتمع.
ولعلي أقول ببساطة قبل الخوض في الفكرة الأساسية، أنني كرجل خلقت لأشارك المرأة في تعمير الأرض، لابد أن أبني نظرتي إليها وموقفي منها في ضوء عاملين أساسيين، أولهما طبيعة عطائها للمجتمع ولي، في مقابل عطائي للمجتمع ولها، ثانيهما نظرتها لي وموقفها مني وتكاملها معي، وهي مرتبطة بالطبع بنظرتي لها وموقفي منها وتكاملي معها، وبالتالي كيف للرجل أن يبني مواقف تكاملية مع المرأة، وهو يعلم أنها تحاول بكل الطرق الانتقاص من دوره، بل والتشهير به والتشكيك في أقواله وأفعاله من خلال جمعياتها المزعومة.
أما إذا رجعنا لأهداف هذه الجمعيات الموهومة، والتي تتوهم أن المرأة الغربية وصلت لمراحل متقدمة في سعيها للمساواة مع الرجل، فما علينا إلا أن نستقريء بعض الأرقام المخيفة التي تصدرها مؤسساتهم الاجتماعية للحالة المزرية التي وصلت إليها المرأة في مجتمعاتهم، ففي اسبانيا قدمت أكثر من 130 ألف امرأة بلاغات للشرطة يتهمن فيها رجالا “إخوة وأزواجا وأصدقاء” بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح، وتقول الشرطة أن الرقم الحقيقي لمثل هذه الشكاوى يزيد عشرة أضعاف الرقم المعلن، أما في أمريكا فقد ذكرت مجلة التايم أن 6 ملايين أمريكية خلال عام واحد فقط عانين سوء المعاملة الجسدية والنفسية من الرجال، كما أن 70% من الزوجات الأمريكيات يتعرضن للضرب من أزواجهن، و4 آلاف زوجة تقتل سنويا على أيدي أزواجهن، كما أن رجال الشرطة يقضون حوالي 33% من أوقات عملهم للرد على مكالمات العنف ضد الزوجات، أما في فرنسا فقد بلغ مجموع النساء اللاتي طلبن كشفا طبيا بسبب تعرضهن للضرب من أزواجهن أكثر من 100 ألف خلال عام واحد، كما رفضت محكمة دعوى أقامها زوج ضد زوجته الخائنة مصحوبة بدليل قاطع، حيث رأت في حيثيات الحكم أنه ليس من حق الزوج التدخل في شؤون زوجته الخاصة!
المرأة الغربية التي تضعها المرأة العربية نبراسا لها للوصول إلى المساواة مع الرجل، تعيش بكل تأكيد حالا أسوأ بكثير مما تعيشه هي، لكن الرجل الغربي الذي يسيطر على كل شيء هناك، صور لنا إعلاميا أنه أعطى للمرأة كل شيء، لكن حقيقة الأمر أنه سلب منها كل شيء.